لم يعد خافيًا على أحدٍ اليوم، أنّ مهنة العطارة وغيرها من مهن الطبّ البديل قد أضحت تحتلّ جزءً كبيرًا من السوق وبخاصة لدى المجتمعات النامية. فلا يزال أصحاب هذه المهن يعتمدون على بساطة وسذاجة النّاس ضمن هذه البيئة؛ لتسويق أفكارهم ومنتجاتهم والضرب بعرض الحائط بكلّ ما جاء به الطبّ الحديث المعتمد على التجربة والبرهان. وليس من العجيب أن يلاحظ المرء تشبّث النّاس البسطاء، وحتى في كثيرٍ من الأحيان الأغنياء بهذه الثقافة وبهذه الوسائل العلاجية البدائية. وهناك عوامل عدّة تساعد على انتشار هذه الظاهرة سنلخّصها كالآتي:
أولًا، غياب ثقافة التفكير المنهجيّ المعتمد على العلم، والذي قد يكون بسبب تدنّي مستوى التعليم أو انعدامه وغياب المقوّمات الرئيسية للحياة الكريمة. وهو ما يدفع النّاس للجوء إلى السّلوك المتداول في العلاج وهو الطبّ البديل.
ثانيًا، ثقافة الحفاظ على الموروثات والعادات باعتبارها مقدّساتٍ استخدمها الأوائل، وساهمت في شفائهم من العديد من الأمراض. وبالتالي، فإنّه واجبٌ أخلاقيٌّ واجتماعيٌّ المحافظة على هذه التقاليد حتى لا تندثر.
وأخيرًا، يمكن القول بأنّ عامل الصدفة، وشفاء بعض الحالات التي اعتمدت على هذا النّوع من العلاج وعلى الطبّ الشعبي يقوّي الإيمان بقدرة هذا النوع من العلاج.
وكما أنّ الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق النّاس فإنّ جزءً لا يستهان به، يقع على عاتق المجتمع أيضًا، وعلى عاتق منظّمات المجتمع المدنيّ والسّلطات الحكومية. فغياب الحملات التوعوية من جهة، يساهم في إرساء وتكريس ثقافة الجهل بهذه المواضيع لدى الأفراد، كما أنّ التغاضي عن تجّار الطبّ البديل من مشعوذين ومحلًات عطارة يساهم في تفشّي هذه الظاهرة دون رادع من جهةٍ أخرى.
توجد أشكالٌ كثيرةٌ للعلاج الشعبيّ غير القائم على أسسٍ علمية، نذكر منها مثلا:
*التداوي بالأعشاب: يعتقد الكثيرون أنّ اللجوء إلى الأعشاب سواءً الجافة منها أو المنقوعة هو بديلٌ طبيعيٌّ صحيٌّ للأدوية الكيميائية، وهذا مع الأسف اعتقادٌ خاطئ، فالأدوية الكيميائية يتمّ تصنيعها بالمختبرات تحت الإشراف، وبمعايير علمية دقيقة وتستهدف مكانًا محدّدًا في الجسم.
*الحجامة والكيّ بالنار: ويعتقد الكثيرون أنّها بدائل اسعافية ناجعة عن التدخّل الجراحيّ. وهنا، قد تلعب الموروثات الاجتماعية والدينية دورًا كبيرًا أيضا.
وفي النهاية، لا يمكن إلّا الاعتراف بالمكانة العليا التي تحتلّها هذه الأساليب البديلة في العلاج. ولكن، يبقى الدّور الأكبر الذي يمكننا أن نلعبه هو التوعية ورفع مستوى الادراك، خاصةً لدى الفئات البسيطة، والتي لا تزال تصدّق هذه الأمور. ويكون ذلك كالتالي:
*أولا، ينبغي على السلطات الحكومية التحرّك فورًا ضدّ أصحاب هذه التجارة من عطّارين ومشعوذين والعمل على الحدّ من وجودهم ونشاطهم، خاصةً في المناطق الشعبية.
*ثانيا، رفع مستوى التعليم والتثقيف ونشر الثقافة الطبيّة الصّحيحة؛ لتمكين النّاس من اللجوء إلى الطبّ الحديث المعتمد على التجربة والبرهان بدلًا من الّلجوء إلى الشعوذة والطبّ البديل.
أخيرا، يمكن القول إنّ الموروثات الشعبية بكلّ أشكالها من الصّعب التخلّص منها، وتحتاج إلى وقتٍ طويلٍ من التوعية ونشر الثقافة البديلة الصحيحة.
المصدر:http://skepdic.com/alkalinediet.html
http://www.folkculturebh.org/ar/index.php?issue=12&page=showarticle&id=55
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: هاجر.ب