نحن كبشر، رواة قصصٍ بطبيعتنا، فالأساطير والخرافات تشعل مخيلاتنا.
كما تحكي قصّة سيّد الخواتم The lord of the ring عن الجبل النافث للنار، ينابيع النار الخارجة من بركان سترومبولي بصقلية والذي يطلق عليه إسم “منارة البحر المتوسط” والتي تركت انطباعًا قويًا على الكاتب المشهور (تولكين) فكانت مصدرًا لبركان رواياته الخيالي وأحداثها المثيرة.
بطريقةٍ ما، فإنّ الجبل الأسطوري في الرواية يستند على شيءٍ حقيقيٍ موجودٍ فعلًا. وهناك الكثير من الحكايات القديمة التي تحتوي على أكثر من جزءٍ من الحقيقة فيها. وهنا مجموعة مختارة من بعض أكثر القصص استنادًا على وقائع حقيقية:
– بحيرة فوّهة البركان ومعركة الالهة
قبيلة “كلاماث” الهندية الأمريكية تعتقد أنّ بحيرة فوّهة البركان في ولاية أوريغن الأمريكية كانت فيما مضى جبلًا طويلًا وضخمًا يسمّى “مازاما”؛ مسكن الإله (للاو Llao) إله العالم السفلي. هذا الأخير تصارع مع الإله (سكال Skell ) إله السماء، وتطايرت النيران والكبريت في كلّ مكانٍ خلال قتالهما، حتى خسر (للاو) وعاد مجدّدًا إلى العالم السفلي، حيث قام (سكال) بحبسه هناك وتنحية رأس الجبل “مازاما” وحوّله إلى بحيرةٍ زرقاء جميلة.
في الواقع، تقوم هذه الأسطورة على وصف ثورانٍ بركاني في المنطقة قبل 7700 سنة. والذي قدّر الجيولوجيون أنّ قوّته كانت أكبر بـ 40 مرة من قوّة بركان سانت هيلين الذي ثار في ماي 1980، حيث أطلق هذا الثوران إحتياطيًا ضخمًا من الماغما وحوّل المنظر الطبيعيّ من جبلٍ شاهقٍ إلى بحيرة ملأتها مياه الأمطار مع الوقت.
-سري لانكا و جيش الرجال القرود
“الرمايانا”، الملحمة الهندية السيرلنكية. والتي تصوّر قصّة إختطافٍ كلاسيكية وقعت ضحيتها (سيتا sita ) زوجة الإله (راما). فقام جيشٌ من الرجال القرود من مملكة الشياطين في جزيرة ‘لانكا lanka” ببناء جسرٍ عائم “جسر راما” مع أخيه (لاكشمان lakshman) من جزيرة “لانكا” إلى الهند ونجح في إنقاذ زوجته وهزم زعيم الشياطين (رافانا ravana).
على الرّغم من أنّ هذه القصّة مليئة بالتفاصيل الخيالية، إلّا أنّ الجسر نفسه موجودٌ في الواقع. حيث يُظهر المسح الجويّ بوضوح إمتدادًا من الحجر الجيري والرمال المغمورة بالمياه والممتدّة بين يابستين بطول 48 كم. ومن المحتمل أنّ هذا الجسر المغمور بعدّة أمتارٍ من مياه البحر هو المصدر الأوّل لأسطورة الرجال القردة. والذي كان فوق الماء إلى غاية القرن الخامس عشرة بعدما تسبّب إعصارٌ إستوائيٌ بغمره.
-النجمة الزائرة
في حوالي عام 1006، قام علماء الفلك في كلّ أنحاء العالم بوصف جرمٍ سماويٍ وسموه بـ”النجم الزائر”. إلّا أنّ العالم الفارسي (إبن سينا) قام بتقديم وصفٍ مفصّل ومتوسّعٍ أكثر من البقية. في كتابه “الشفاء”، أوضح كيف أنّ الجرم العابر، والذي كان من الممكن أن يُشاهد لعدّة أشهر، كان يغيّر لونه. وقبل أن يتلاشى كليًا قام باطلاق شرارات.
لمدّةٍ طويلةٍ من الزمن، اعتُقد أنّ ذلك الجرم الذي وصفه إبن سينا كان مذنّبا. إلّا أنّ الحقيقة أنّ إبن سينا كان ينظر إلى انفجار سوبر نوفا والذي وقع قبل 7200 عام ولكن وصل ضوؤه المرئي إلى الأرض في نهاية الألفية الأولى. لسوء الحظ، لا نستطيع رؤيته في الوقت الحالي، ولكن بفضل مرقب الناسا لإشعاعات X نستطيع مراقبة أشعة إكس التي تزال تنبعث من موقع الانفجار إلى يومنا هذا.
أمّا تغيّرات الألوان في هذه الحالة قد ترجع إلى اندماج قزمين أبيضان والذي يمكن أن يخلق سوبرنوفا غنيّ بالألوان. وهو في الواقع ما قام (ابن سينا) بوصفه. وهذا ما يدل على أنّ هذه الحكاية ليست فقط حقيقية، بل وفّرت لعلماء الفلك المعاصرين وصفًا مفصّلا و مدقَّقا للظاهرة.
-أطلنطس
إنّها إحدى الأساطير الأكثر شهرةً في التاريخ البشري، وصفت لأوّل مرّة من قبل الفيلسوف اليوناني (أفلاطون)، الذي يحكي قصّة حضارةٍ في أوجّ تقدّمها غرقت تحت الأمواج، وفُقدت إلى الأبد. ولكن لطالما ظلّت محل نقاش بين علماء الآثار ومنهم من ينسبها للحضارة المينوية في جزيرة “ثيرا”.
منذ حوالي 3650 سنة، هزّ بركانٌ قويٌ “سانتوريني”. وقام بافراغ دفقٍ سريعٍ وهائل من الصهارة بسرعةٍ كبيرةٍ جدًّا لدرجة أنّ الجزيرة إنهارت مسبّبةً تسونامي عملاقًا قام باغراق جزيرة “ثيرا” القريبة منه تحت أمواج بحر إيجة. و بذلك انهارت الحضارة المينوية ولم يرها أحدٌ بعد ذلك.
-طائر الرعد “ثندربليرد” والحوت
هناك حكايةٌ أخرى من حكايات الهنود الحمر، في أمريكا الشمالية، والتي تقصّ قصّةً “ثندربيرد” الذي يمثّل طائرًا خارقًا للعادة، قام بالانقضاض على حوتٍ من البحر واصطاده، وبذلك خلّص قبيلة “كيلوت quileute” الهندية منه؛ إذ أنّه حرمها من الموارد والأسماك.
خلال الصراع، تولّدت موجة عملاقة قتلت الكثير من الناس. وفي النهاية، تمكّن الطائر المقدّس “الثاندربيرد” من قتل الحوت ورفعه من البحر ورميه على اليابسة مسبّبًا دويّ اصطدامٍ قويٍّ جدًّا.
من المثير أنّه وفي عام 1980، قام علماء جيولوجيون باكتشاف أدلّة على حدوث زلزالٍ في الشمال الغربيّ للمحيط الهادي في حوالي عام 1700، والذي سبّب تسونامي ضخمًا جدًّا لم يصب الساحل الأمريكي الذي عاشت فيه القبيلة فقط، بل تمكّن من الوصول حتى إلى اليابان.
بالاضافة إلى ذلك، يوجد “أيورنس aiornis” طائرٌ تاريخي عملاق، شاهده المستوطنون الأمريكيون الأوائل ولكن انقرض الآن. والذي يمكن أن يكون مصدر الوحي لهذه القصّة؛ وذلك لتميّزه بالضخامة، إذ يصل طول جناحه إلى حوالي 5 أمتار والذي إعتاد التغذّي على جيف الحيتان، ولكن من المستبعد أن يقدر على حمل واحد كاملا.
المصدر : هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: هاجر.ب