– تجلس القرفصاء في مكان هادئ بعيدا عن ضوضاء العالم، وتركز على تنفسك، وتترك روحك تدخل في حالة سكون، لتلج إلى حالة وعي عذب لعواطفك، أفكارك وإدراكك، تلمس هذا شيئا فشيئا كماء يتدفق بانسياب من الأرض، حتى تصل لنقطة قوة فيها حالة من الصفاء والسلام الداخلي، بعدها تعود للعالم وأنت متجدد، فالتأمل يعتبر قوة لأرواحنا على أجسادنا.
-الثلاثة أنواع الرئيسية للتأمل:
يقول«أنطوان لوتز» الباحث في علم الأعصاب أنّ هناك 84000 ممارسة مختلفة للتأمل عند التبيين، لكن نستطيع تصنيفها في ثلاثة مجموعات رئيسية.
1- التأمل عن طريق تركيز الانتباه: التحكم في المشاعر وتسكين الروح .
2- التأمل بالوعي التام: تأتي هذه المرحلة بعد التأمل عن طريق تركيز الانتباه، فهي ايقاظ الوعي على الأحداث التي تحدث في اللحظة الراهنة،هذا النوع من التأمل يعدل المزاج ويحسن نوعية الأحكام المسؤولة .
3- الوصول إلى الرحمة: البحث عن الخير و العطف و الحب، وهي تجربة شخصية ذاتية و يصعب شرحها موضوعيا.
-البحث العلمي عن التأمل:
بدأت دراسة التأمل مع الباحث في علم الأحياء الأمريكي «جون كابات زين» منذ 1970، عن طريق دراسة علمانية موضوعية خالية من المعتقدات الدينية والروحية، وركز فيها على موضوع «تخفيض التوتر عن طريق الوعي التام»، وأصبحت التطبيقات العلاجية لهاته الدراسة تطبق على مستوى 800 مركز استشفائي في العالم لعلاج الكآبة واضطرابات النوم والإدمان…..
أمّا اليوم فهناك «علم التأمل» الذي رسم لنا بدقة غير مسبوقة حدود التأمل ومعالمه، كحالة من حالات الوعي المتغير، ويهدف هذا العلم الى رفع الحجاب على أحد أكبر ألغاز فيزيولوجيا الجسم البشري معتمدا على عدة علوم أخرى كعلم الأعصاب والتصوير الدماغي وبيولوجيا الخلية والبيولوجيا الجزيئية.
-المسارات البيولوجية للتأمل:
1- يبدأ من الدماغ: تحديدا من «اللوزة الدماغية- Amygdala» و« قرن آمون-hippocampus» المسؤولان عن المشاعر والانتباه، ويرتبطان ب «تحت الميهاد-Hypothalamus»، هذا الأخير يتحكم جيدا في إفراز الهرمونات المسببة للتوتر، وأجرى الباحث في علم الأعصاب «يي يانغ تانغ» على الذين يمارسون التأمل تصويرا دماغيا للمناطق التي تتنشط وتتحفز وتأثيرات ذلك على الحالة العصبية النفسية ثم قارنها مع الناس العاديين، فلاحظ نتائج مفاجئة، أولا تتنشط المناطق التي تتحكم في الانتباه، ثانيا تتنشط المناطق التي تتحكم في المشاعر، ثالثا تتنشط المناطق التي تتحكم في «معرفة عمليات ادراكنا-Metacognition».
2- إلى «الغدد الكظرية-adrenal gland»: الهرمونات المفرزة عن طريق الدماغ لها دور في تحفيز الغدد الكظرية على افراز هرمون«كورتيزول»، هذا الأخير ينتشر في الجسم عن طريق الشبكة الدموية.
3- ويمتد إلى الخلية و«دي إن أي-DNA»: تقول الباحثة في علم الأحياء «بيولا كليمان»، أكثر شيء ملفت للانتباه على المستوى الخلوي، أنّ التأمل يخفض علامات التوتر والالتهابات، وقارن الباحث «رافييل شي» بين الساعة اليبولوجية للتغيرات الوراثية عند الناس العاديين والمتأملين، فوجدها أبطئ بكثير عند المتأملين.
المصدر:هنا
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي