اشتمَام الطعَام قَبل الأَكل قد يتسببُ في زيادَة الوَزن مهمَا كانت نسبَة الدهُون فيها، وفقًا لتجارب سريرية أُجريت على الفئران من طرف خبراء جَامعة كاليفورنيا-بيركلي، حيثُ لاحظ البَاحثون فرق الوزن الواضح بَين الفئران القادرة على الشم والتي تم إيقاف حاستها مؤقتًا، رغم اتباع نفس النظام الغذائي لكل من المجموعتين. ساعدت هاته النتائج عَلى الربط بين حاسة الشم وعمليّة الأيض، ممّا يُؤكد على وجود صلة بين مايشتَمه الحيَوان وكيف يتم حرق السُعرات الحرارية: فإذا كانت الفئران غير قادرة على اشتمام طعامها فإنّها ستحرق الدهُون بدل تخزينها.
سيلين ريرا وهي أحد أعضاء الفريق أكّدت على أن هاته الدراسة هي واحدة من أوائل الدراسات التي أظهرت العلاقة بين تغيرات حاسة الشم وتنظيم الدماغ لتوازن الطاقة في الجسم.
باستخدام العلاج الجيني تم تخريب الخَلايا العصبيّة الخاصة بالشم عند مجموعة من الفئرَان والتي يمكن أن تتجدد تلقائيًا بعد عدة أَسابيع. لاحظ الباحثون تغير الخلايا الدُهنية البيضاء (التي تعمل على تخزين الدهون حول الجسم) إلى خلايا دهنية بنيّة (التي تعمل على حرق الأحماض الدهنيّة) بالإضافة إلى تناقص حجم الخلايا الدهنيّة البيضاء المخزنة. فصارت الفئران أنحف وتحولت إلى آلة لحرق الدُهون، وكل هذا تمّ بسبب تغيّرات في الجهاز العصبي الودي الذي حفّز على حرق هَاته الدّهُون.
بإستخدام مَجموعة مقارنة من الفئران غير المعالجة والتي تم تغذيتها بنفس الغذاء المساوي لعدد السعرات الحراريّة، لاحظ الباحثون ارتفاعًا ملحوظًا في وزن هاته الفئران. حيث اكتسبت هاته الأخيرة حوالي 100 بالمئة من وزنها الأصلي، مقارنة بـ10 بالمئة في المجموعة الأولى.
أَظهرت الفئران التي تُعاني من السمنة المفرطة والتي تم تعطيل حاسّة الشم لديها عَلامات لنُقص في الوَزن، في حين أنّ مجموعة الفئران المتميزة بـ”حاسة الشم المفرطة” والتي تم اختبارها في أَلمانيَا، اكتسبت مزيدًا من الوزن.
يَقول أندرو ديلين أحد الباحثين: “زيَادة الوَزن ليست مجرد قياس للسعرات الحرارية المستهلكة، بل تتعلق أيضًا بطريقة التعامل مع هاته السعرات”.
“إذا استطعنا تطبيق هذا على البشر، فمن الممكن صُنع أدوية خاصة لا تؤثر على الروائح ولكن بإمكانها تعطيل الدوائر الأَيضيّة، وهذَا سيَكون مدهشًا. فمثل هذا الدّواء قد يكون ناجعًا للأشخاص الذين يُكافحون من أجل إنقاص وزنهم وذلك عن طريق تحفيز نظام حرق الدهون لديهم.
من الأَخطار التي قد تمنع تَحقيق ذلك عند البشر هو ارتفاع نَشاط الجهَاز العصبي الودّي والذي من شَأنه رفع نسبَة الأدرينالين في الدم -الذي قد يتسبب في الأزمة القلبيّة-.
يعتقد العُلماء بأنّه توجد صلة وثيقة بين حاسة الشم وبَين منَاطق في الدماغ الخَاصّة بتنظيم عمليات الأيض، ولا سيَما الغدة النخاميّة -حَيث نَكون أَكثر حساسيّة للرّوائح عند الإحساس بالجُوع-.
“يُصاب الأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات الأَكل بخلل في السيطرة على كميّة الطعام المُستهلكة، وقد يُعانون من ارتفاع شهيتهم”، تقول سيلين ريرا، لتُضيف أيضًا: “نَعتقد بأنّ الخلايا العصبية الخاصة بحاسة الشم قد تكون مهمة جدًا للتحكم بالرغبة في الطعام، وإذا كان لدينا وسيلة لتعديل هذا المسار، قد نَتمكن من تَعطيل الشهيّة المفرطة ومساعدتهم على إدارة نظامهم الغذائي”.
المصدر : هنا
تدقيق: لمونس جمانة