يعتقد الأغلبية منا، أن هناك ثورة صناعية واحدة فقط، هي تلك التي حدثت في إنجلترا في 1760، واستمرت حتى 1820.
إلا أن العالم شهد حتى الآن ثلاث ثورات صناعية، وهو على أعتاب الثورة الرابعة، التي ستغير المفهوم السائد عن معظم الوظائف في العالم، وفقًا لما يراه كلاوس شواب -مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي ورئيسه.
وخلال ذلك، سنواجه تقنيات حديثة تجمع العلوم الفيزيائية أو المادية، بالرقمية والبيولوجية. وستؤثر هذه التقنيات الحديثة في كل التخصصات، والمجالات والاقتصاديات والصناعات. فيما يُعتقد استمرار هذه التقنيات الحديثة، بربط مليارات الأشخاص بالشبكة العنكبوتية العالمية.
وتتمثل أهم ملامح هذه الثورة الصناعية الجديدة، التي ظهرت صورة عنها مجددًا في «معرض هانوفر – 2015» الدولي. تحت مسميات من نوع: «الصناعات الرقمية الذكية المتكاملة»، «المُكونات الرقمية للمواد والخامات المستخدمة في الصناعة»، «المصنع الرقمي الذكي»، «الإدارة الذاتية الرقمية»، وغيرها. وتصف تلك المُسميات صناعة آخذة في التبلور، لا يتدخل فيها العنصر البشري إلا بصورة طفيفة. بمعنى أن يكون الإنسان محاكيًا للآلة، ومراقبًا ومدققًا لصنع السلع، ولا يكون منتجًا لها.
هناك ثلاثة أسباب للاعتقاد أن التحولات اليوم، لا تمثل مجرد إطالة أمد للثورة الصناعية الثالثة، بل دخول في الثورة الصناعية الرابعة: السرعة والنطاق ونظم التأثير.
حيث أن السرعة في التغييرات الحالية، ليس لها سابقة في التاريخ، بالمقارنة مع الثورات الصناعية السابقة؛ تتطور الثورة الصناعية الرابعة بسرعة عالية، علاوة على أنها تطال كل صناعة تقريبًا في كل بلد. وعمق هذه التغييرات، يُبشر بتحول لجميع نظم الإنتاج، والإدارة. تتميز بمزج التقنيات اللاسلكية، والأنظمة الإلكتروميكانيكية متناهية الصغر، والإنترنت، والمركبات ذاتية الحركة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم المواد، وتخزين الطاقة، والحوسبة الكمية.
السؤال المطروح: ما هو المصير الغامض للبشر بعد ظهور الثورة الصناعية الرابعة؟
يتوقع بعض الباحثين في ألمانيا، أن الأتمتة الكاملة -مصطلح مُستحدث يطلق على كل شيء يعمل ذاتيًا بدون تدخل بشري- التي بدأت تتغلغل داخل الاقتصاد والمجتمع، ستؤدي في النهاية إلى القضاء، في كل ثانية، على كل فرصتَيّ عمل في البلاد تقريبًا، استنادًا إلى كلًا من (كارل فري) و(ميشائيل أوسبورن).
وفي المقابل، نفى (سيزيمر) الأمر؛ مشددًا على أن الصناعة المؤتمتة، ستنشئ فُرص عمل جديدة، داعيًا الدولة إلى تقديم المساعدة أيضًا في هذا المجال.
وفي السياق ذاته، ذكرت مؤسسة الاستشارات «بوسطن كونسالتينك»، في دراسة وضعها الباحث (ميشائيل روسمان)، أن الصناعة الرقمية ستؤمن 390 ألف فرصة عمل جديدة، في السنين العشر القادمة، مضيفًا أن «المصانع الرقمية لن تكون فارغة من العاملين كما يعتقد بعض الناس». وتابع: «صحيح أن الوظائف البسيطة التي لا تتطلب معارف وتدريبًا ستلغى، إلا أنه في المقابل، ستنشأ فرص عمل جديدة، في جميع قطاعات الإنتاج والتوزيع والتطوير والإدارة».
وبعد أن أشار إلى أنه سيكون على العاملين تعلم تقنية المعلومات، لفت إلى ضرورة أن يصبح المرء مستقبلًا مرنًا، في العمل والتخطيط لمجرى عمليات الإنتاج، وتعلم محاكاة الأمور والمراقبة.
المصادر: هنا
هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: Mohammed Diab