كثرت في الآونة الأخيرة النقاشات حول المكملات الغذائية مدى فعاليتها، الفرق بينها و بين الأدوية. حتى اختلط الحابل بالنابل. فلم كل هذا الخلط؟ و هل الأمر يستحق كل هذا التهويل؟
في الولايات المتحدة، يُقدر سوق المكملات الغذائية بأكثر من 32 مليار دولار سنويًا. تُشير المعطيات إلى أن بعضها فعال، والكثير منها غير مفيد، ومنها ما يمكن أن يكون ضارًا، ما يفسر الجدل الكبير المحيط بها.
تُعرف المكملات الغذائية (Dietary supplements) كمنتجات تُتناول عن طريق الفم، تحتوي على مكونات غذائية، هذه المكونات تشمل الفيتامينات، المعادن، أحماض دهنية، أعشاب أو نباتات، و مواد أخرى يمكن استعمالها كمكمل للبرنامج الغذائي.
تَأْخُذ المكملات الغذائية عدة أشكال بما فيها: الأقراص، الكبسولات، مساحيق للبلع، وقضبانا للطاقة، السوائل… . يمكن أن تُباع في المتاجر أو حتى عبر الإنترنت. لكن يبقى تسويقها على أنها تعالج، أو تشفي مرض معين، أوتخفف من أعراضه، عمل غير مقبول.
المشاكل المتعلقة بها:
- القوانين المتساهلة التي تخضع لها: على عكس الأدوية، والتي تخضع لتجارب معمقة، و إجراءات صارمة لإثبات فعاليتها، وأمانها قبل منحها رخصة التسويق. المكملات الغذائية يمكن أن تسوق بدون إثبات فعالية أو سلامة، لذا فإنه يمكن للصانع الادعاء أن منتجهم يُحسن من الصحة، على الرغم من غياب إثبات علمي في أغلب الحالات.
يتم تقنين المكملات الغذائية في الولايات المتحدة، بموجب قانون المكملات الغذائية، والتعليم الصحي 1994 (DSHEA). القانون الذي يقضي بأن المنتجات المعروضة كمكملات غذائية على الملصق، يُفترض أنها آمنة، حتى يثبت العكس. وبهذا وضعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، في مهمة لا تحسد عليها، في تحديد وسحب المنتجات الغير آمنة، لكن بعد تسويقها. لكن الـ FDA تصرح أنه لا يمكنها مراقبة، وفحص كل المنتجات المعروضة كمكملات غذائية، لذا فإن جزءًا من المسؤولية تقع على عاتق المستهلك في اختيار ما يتناوله.
- الآثار السلبية غير المدروسة: يكمن أن تنتج عنها آثار جانبية، تشكل تهديد حقيقي. من الأمثلة المطروحة على هذا، منتجات “الإيفيدرا” (ephedra)، التي تم تسويقها في البداية كمكمل غذائي، لتخفيف الوزن و تعزيز الأداءالرياضي وزيادة الطاقة، تمكنت الـ FDAمن سحبه نظرًا للمخاطر غير المعقولة، من أمراض أو إصابات، التي نتجت عن استعماله.
يجدر الإشارة إلى أن الـ FDA احتاجت سبع سنوات، لجمع الأدلة الازمة لسحب المنتجات، التي تحتوي على الإفدرين من السوق. خلال هذه السبع سنوات استقبلت الـ FDA حوالي 16,000 تقرير حول إصابات، حوالي 62,000 شكوى من المستهلكين، وتم تسجيل ما لا يقل عن 155 حالة وفاة تتعلق بمركبات تحتوي على الإيفدرين.
- تفاعلها مع الأدوية: يضيف الخبراء أيضًا، أن بعض المنتجات غير الفيتامينية، إضافة إلى عدم ثبوت سلامتها وفعاليتها، يمكن أن تتفاعل مع الأدوية التقليدية، كذلك بعض الأشخاص يمكن يؤخروا الشروع في علاجهم، لتعلقهم بمكملاتهم التي يتناولونها.
- المكونات المخفية: زيادة على مشكل فعالية، وأمن المكونات المصرح بها، قد تحتوي المكملات الغذائية مكونات أخرى، إذ تشير دراسة -قام به باحثون كنديون- شملت 44 منتج عشوائي من 12 مصنع مختلف في 2013، أن 60 بالمئة من المنتجات تحتوي على مكونات غير مصرح بها في الملصق، منها ما يحتمل أنها ملوثات ضارة.
أما في الولايات المتحدة، فقد نشرت الـ FDA، قائمة لـ 767 منتج حتى الآن، وُجد أنه مغشوش بمركبات صيدلانية، أو مركبات ذات صلة وثيقة، مثل المنشطات، مركبات إستيرويديات خاصة بكمال الأجسام، مضادات الاكتئاب، أدوية التنحيف، أدوية جنسية … كلها يمكن أن تسبب تأثيرات جانبية، أو تشكل خطورة، خاصة إذا أخذت مع أدوية القلب أو أدوية أخرى.
ماذا عن البحوث التي تدعم المكملات الغذائية ومدى مصداقيتها:
نسمع كثيرًا عن الجديد المشجع فيما يتعلق بالمكملات الغذائية: سلسلة من الدراسات ترحب بالفيتامين (د) كواق لقائمة طويلة من الأمراض، بما فيها السرطان، السكري، الاكتئاب، وحتى الزكام. الأحماض الدهنية أومقا3 (omega 3)، يمكن أن توصف كواق ضد السكتات الدماغية (Cerebrovascular accident)، وباقي الحوادث القلبية الوعائية.
و هنا التحذير الكبير: كثير من هذه الدراسات، عبارة عن مشاهدات فقط، ولم يتم إخضاعها لتجارب خاصة، مقارنةً بالبلاسيبو (أو الأدوية الوهمية) في بيئات مراقبة. لذا نجد أن نتائج الدراسات المعمقة، لا تعط نفس النتائج الواعدة.
لأن دراسات الملاحظة أو المشاهدة (observational studies)، لا نستطيع التحكم تمامًا في كل العوامل المحيطة: العادات الغذائية، العادات الرياضية، و متغيرات أخرى. لذا فلا يمكن الاعتماد عليها لإثبات أن ما تم تناوله، هو المسؤول عن الفوائد الصحية، في هذا الصدد يشرح الدكتور مانسون (Dr. JoAnn Manson) من جامعة هارفارد: “إن الأشخاص الذين يتناولون المكملات الغذائية، لديهم ميولًا ليكونوا أكثر جدية في المحافظة على صحتهم، يمارسون نشاطات رياضية أكثر، يأكلون أطعمة أكثر صحية، ويتبعون أسلوب حياة يجعل من الصعب الاعتماد عليهم في المقارنات الإحصائية”.
وبعض المكملات الغذائية، وُجد أن لها إيجابيات للصحة بعد دراسات مشاهدة، لكن مع تجارب أكثر صرامة، لم يثبت فقط عدم فعاليتها، بل ووجد تورطها في مشاكل صحية أخرى. خذوا مثلًا الفيتامين هـ (E)، مبدأيًا أعتقد أنه يحمي القلب، واكتشف فيما بعد أنه يرفع من احتمال السكتة الدماغية.
كمستهلك ماذا يجب علي تجاه هذه كل هذا:
- دعوا رعايتكم الصحية لنصائح الخبراء، القادرين على تنقية المعلومات الموثوقة من المشكوك فيها.
- لا تعتقد أن مصطلح “طبيعي” المنسوب لأي منتج، يضمن أنه مفيد أو آمن.
- لا تنخدعوا بالعناوين الجذابة والضجيج الإعلامي، تستند النصيحة الصحية عمومًا على عدة أبحاث على مر الزمن وليس فقط على دراسة واحدة، فضلًا عن مجرد ادعاءات.
- المكملات الغذائية لا تعوض الأدوية الموصوفة، ولا الطرق العلاجية، ولا حتى الأغذية المتنوعة المهمة لبرنامج غذائي سليم.
- أخبروا طبيبكم بكل مُكمل تتناولونه، ليتمكن من التحقق أن مكوناته لا تشكل خطرًا على صحتكم، وأنه لا يتفاعل مع أدويتكم.
- كونوا يقظين إلى أن بعض المكونات الغذائية، بما فيها العناصر المغذية، والمكونات النباتية، يمكن أن تكون سامة. إضافة إلى أنه بعض المكونات، يمكن أن يكون مضرًا إذا تم تناولها بكمية كبيرة، ولفترات طويلة، أو إذا تم جمعها مع أدوية أو مكونات أو أغذية أخرى.
- يفضل استهلاك المكملات ذات المكون الوحيد على غيرها؛ إذ أن المنتجات متعددة المكونات، من المستحيل كشف أيها ذو تأثير جيد أو سيء. من جهة أخرى المكونات المعقدة، أكثر عرضة لأن تكون مغشوشة مع أدوية ممنوعة.
المصادر:
ــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: Mohammed Diab