تُعتبر المعلومات متاهةََ مفهومية، وفي هذا الجزء سننظُر إلى خريطتِها العامَّة.
تعريف عام للمعلومات
تعتمد المعلومات أساسًا على البيانات+المعنى، وفي العديد من المجالات تُصنف المعلومات على أنها كيانات ماديّة أي أشياء يمكن معالجتها، وإذا أردنا أن نعطي تعريفًا عامًا لها سيكون هذا التعريف مكونًا من ثلاثة أجزاء :
التعريف الأول: تتألف المعلومات من بيانات.
التعريف الثاني:تكون هذه البيانات متماسكة الصّياغة، أي أنها موضوعة بشكل صحيح متوافقة مع قواعد النظام، الكود أو اللُّغة التي يَجرِي استخدامها (أيْ بُنية تركيب البيانات) .
التعريف الثالث: هنا تكون هذه البيانات المُتمَاسِكَةُ الصيَّاغة ذات معنََى ويجب أن تَتَماشى مع دلالات النِّظام، الكُود أو اللُّغة المستخدمة.
يُمكِن حفظ البيانات بما تحمله من معنى في حاملات بِمَعزَلٍ عن أي مُتَلَقِي، مثلا: يَشتمِل حجر الرشيد على تراجم لفقرة واحدة، باللغة الهيروغليفية المصرية، اللغة الديموطيقية المصرية واليونانية الكلاسيكية، حيث قبل اكتشافه كانت الهيروغليفية تعتبر معلومات محفوظة لم يستطع احد فك طلاسمها .
فهم البيانات
إنَّ عدم اشتغالِ محركٍ لآلةٍ ما يُعطي معلومةََ بوجود خلل فيها, هذا مثالُُ للظاهرة المعروفة ب «الموافقة الصامتة»، حيث الصمت يعتبر في حد ذاته معطيات، وهذا ما يجعلنا نختزل أي مُعطَى في «غياب النظام»، ويقول دونالد ماكرون ماكاي:” إنّ المعلومات تمييزا يصنع فرقا”، وهذا التعريف المختصر يطبق في ثلاثِ حالاتٍ مختلفة حيث :
أولاََ، يكون هناك غياب النظام في العالم الواقعي، حيث تمته بيانات تُسمى «الديدومينا-Dedomena»، وهذه الاخيرة تكُون بيانات خالصة؛ بمعنى أنها بيانات لم تخضع للتفسير أو لعملية معالجة إدراكية، يُجري اسْتِنباطُ وجودها عمليٍّا من خلال الخبرة.
ثانيا، قد تمثلُ البيانات حالات غياب انتظام بين (إدراك) حالتين ماديتين، كالتغيُّر في حالة الضغط أو النقطة والخط في أبجدية مورس.
ثالثا، غياب النظام بين رمزين،مثل ( + و -).
البيانات التناظريَّة والبيانات الرقميَّة:
البيانات التناظريَّة، مثل اسطوانات الفينايل، أين تُخزَّن البيانات الميكانيكيَّة المتصلة، متطابقةََ مع الأصوات المسجلة، والتي لا يعبر عنها بالرموز.
البيانات الرقمية، مثلا كالأقراص المدمجة (CD)، تُخزِّن الأصوات من خلال تحويلها في صورة نُقَر ومساحات (المساحات بين النُّقر)؛ أي إن الأقراص المدمجة تعمل على « ترميز » المعلومات وعدم الاكتفاء« بتسجيلها » فقط.
لا يقتصر فهمُنا للكون على الأفكار الرقميُة، المنفصلة، المتفرقة -الأرقام الطبيعية، الصورة والكتابة في العُملات المعدنيَّة، أيَّام الأسبوع، الأهداف التي سجلها فريق كرة قدم، وهكذا- بل يمتد إلى الاعتماد على العديد من الأفكار التناظريّة، المُتّصلة، السَّلسة، مثل شِدَّة الألم أو المتعة، الأرقام الحقيقية، الدوال المتَّصلة، المعادلات التفاضلية، الموجات، مجالات القوى، والمتصل الزمني.
والكمبيوتر يعتبره تورينغ ماكينات حالات منفصلة، لكن هناك أيضا كمبيوترات تناظرية وهي أجهزة كمبيوتر تنفذ عمليات حسابية من خلال تفاعل ظواهر مادية مختلفة باستمرار، مثل الظل الذي يسقط عن طريق عقرب الساعة الشمسية، والتدفُّق المنتظم تقريبًا للرمل في الساعة الرملية أو للماء في الساعة المائية، والتأرجُح الثابت رياضيٍّا للبندول.
البيانات الثنائية:
هي عبارة عن بيانات رقمية؛ يجري عادةً ترميزها من خلال توافق بين رمزين فقط، يُطلق عليها «البتات» أو«وحدات بيانات» وهي أرقام ثنائية، في صورة شرائط تشتمل على أصفار وآحاد، والبت هو أصغر وحدة للمعلومات، وتشكِّل سلسلة من 8 وحدات بيانات ما يسمى «البايت».
ويُعتبر نظام الترميز المعياري الأمريكي لتبادل المعلومات (آسكي) أكثر أنظمة الترميز الثنائي انتشارًا، وهو نظام يعتمد على 7 وحدات بيانات فقط من بين 8 وحدات، فمثلا: النظام الثنائي للحرف G هو : 01000111.
هناك 3 ميزات رئيسية للنظام الثنائي،
- يمكن تمثيل وحدات البيانات بطريقة منطقية-رياضية .
- من الممكن بناء ماكينات تستطيع التعرف على وحدات البيانات ماديٍّا، وأن تتصرف منطقيٍّا بناءً على هذا التعرُّف؛ ومن ثَمَّ معالجة البيانات بطرق تبدو ذات معنًى، وهو ما يُعد حقيقة مهمة.
- البيانات الرقمية تتضمن عادةً حالتين فقط؛ فإن هذا «التباين المنفصل» إنما يعني أن الكمبيوتر لن يَلتبِس عليه الأمر عندما يحتاج إلى معالجة.
أنواع البيانات:
تصنف البيانات إلى خمسة أنواع ( لم يتم رسوخ المصطلحات بعد )
–البيانات الرئيسية:بيانات ظاهرية مخزنة في قاعدة بيانات يتلقاها المستخدم مباشرة وبصفة أولية، غالبا ما تكون على شكل رموز أو صور، ومثال على ذلك البيانات التي تشير إلى إعادة شحن البطارية.
–البيانات الثانوية:عكس البيانات الرئيسية وهي بيانات صامتة حيث غيابها يعطي معلومات ثانوية معينة.
–البيانات الوصفية: تعرف ببيانات حول البيانات فهي تعطي معلومات تصف طبيعة المعلومات الرئيسية حيث إشارة حقوق التأليف والنشر في كتيب الإرشادات تعد مثالا على هذا النوع.
– بيانات التشغيل:تعبر عن آلية عمل نظام المعلومات.
– بيانات مشتقة: حيث تستخلص من البيانات الأخرى، متى كانت هذه الأخيرة تستخدم باعتبارها مصادر غير مباشرة، مثلا: عن طريق استخدام بطاقة الائتمان يتم معرفة مكان صاحبها .
وبعد عملية ترجمة البيانات وفهمها نستخلص نوعين للمعلومات :
1- المعلومات البيئية الإرشادية: وهي معلومات تشتمل على دلالتها الخاصة بمعزل عن “منتج” / “مبلغ” ذكي، في حالة غياب معلومات مباشرة، حيث تعتمد على خصائص نظامين مترابطين، مثلا: بواسطة الحلقات الموجودة في جذع شجرة مقطوعة يمكننا حساب عمرها وأيضا تُقدِّم ورقة عباد الشمس مثالا طبيعيا فهي عبارة عن مادة تلوين بيولوجية من الخزاز تُستخدَم كمؤشر على الحمضية/القلوية نظرا لأنها تتحول إلى اللون الأحمر في المحاليل الحمضية و إلى اللون الأزرق في المحاليل القلوية .
2- المعلومات الدلاليَّة: حيثُ تَعتمِد على بياناتٍ مصنفة جيدا مُباشرة وذات معنى و تكون إما دلاليَّة إرشاديَّة كنوتات الموسيقى، او دلاليَّة حقائقيَّة، مثل التقرير الطبي والحساب المصرفي، هذه الأخيرة يمكن اعتبارها معلومات صحيحة أو خاطئة، ومنه يعتبر المحتوى الدلالي الحقائقي أكثر الطرق شيوعََا وأحد أكثرِ الطرق التي يجري من خلالها فهم المعلومات, أهميةََ .
المصدر: كتاب المعلومات للبروفيسور والباحث في فلسفة المعلومات «لوتشيانو فلوريدي» – Luciano Floridi
تدقيق لغوي: بوخالفي بشرى